الثلاثاء، 10 فبراير 2009

نون النسوة ...


نون النسوة فى حياتنا .. لا يستطيع أحد أن ينكرها أو يتجاهلها مهما حاول جهده ..
وحديثى عن نون النسوة هنا لن يضيف الى ما كُتب حولها على مدى تاريخ البشرية ، لن أتناول حكاياتها مع آدم وإغوائها له حتى هبطت به من جنة الخلد الى دار الشقاء ، وكذلك لن أتفلسف وأدعى القدرة على تحليل نون النسوة نفسياً وعقلياً .. ولكن فى سطوري القليلة تلك سوف أمر على تجربة حياة معهن .. قد لا يكون فيها ما يثير الدهشة أو الاستغراب ، ولكنها مجرد موضوع يندرج تحت عنوان الفضفضة التى اتخذتها مسمى لبعض أطروحاتي ..
إذا استهللت كلامى بأن نون النسوة هى الأم وهى الزوجة وهى الإبنة .. فأنا بذلك لم أضف جديد بالفعل ..وقالها الكثيرون قبلاًَ وقتلوها بحثاً ، ولكن نون النسوة الشريكة والنصف الآخر للرجل .. فتلك لها نكهة أخرى ، وهى دائماً موضع تحرى أصحاب القلم والأدباء فى رواياتهم وأقاصيصهم ..
بداياتى مع نون النسوة منذ خطوات حياتى الأولى فيها شبه ميل لهذا الصنف من البشر .. بداية بتعلقى بالوالدة فى تلك السن المبكرة نظراً لما تتمتع به نسوة الريف ( فى تلك الآونة ) من حب وتسامح وعاطفة أمومة على الفطرة ، أكاد أجزم أنها تبدلت فى زماننا هذا مثلما تبدلت كثير من أحوال البشر .. حيث كنت ملازماً لها فى تلك السن المبكرة كظلها ، وأكثر ما كان يجذبنى الى ملاحقتها آنذاك هو مراعاة طيور المنزل وتربيتها ، وقد كان هذا هو العمل الموكل اليها فى عداد اعمال الأسرة الكبيرة ، لدرجة أنني فى أعوامى الأولى لم يكن لى من لهو ولعب سوى مع طيور منزلنا الكثيرة والمتنوعة ، مرات بالعناية بها وإطعامها وسقائها ، ومرات أُخر باللهو بها وتلوينها ، وجمع ماتجود به من البيض مهما توارت أماكن رقادها ووضعها له .. وتلك من الهوايات المحببة الى نفسى والتى إستمرت معى حتى وقت قريب من الزمن ..
الشخصية التالية من نون النسوة التى لازمتنى لفترة طويلة كانت أختى الكبرى .. حيث تشاركنا اللعب واللهو واستذكار الدروس ورواحنا وغدونا الى المدرسة منذ فترة الكُتاب الى نهاية التعليم الثانوى ، والتى بنهايتها قد انتقلت هى مباشرة الى منزل الزوجية ، وأخذت معها أحداث تلك الفترة بطفولتها وصباها الى غير رجعة ، وقد كنّ صديقات الأخت الكبرى هن أصدقائي المفضلين بالتبعية .. وكان لى معهن صولات وجولات فى تلك الفترة التى تتسم بالكثير من التبدل فى الافكار والمعنويات .. يكفى أن أذكر انهن كن سبب فى انحدار مستوى تحصيلى فى السنة الأخيرة للثانوى العام وتبدل حالى من التفوق الدراسى المعهود بى الى مجرد نجاح بالكاد أوصلنى الى كلية التجارة .. ولتكون مرحلة فارقة فى حياتى الى الأبد ...
ننتقل الى مرحلة نون النسوة .. الشريكة .. التى ساقها لنا القدر ، وحتماً علينا أن تشاركنا كل شىء فى حياتنا مهما صغر أو كبر ، المادى منه والمعنوى ، الشريك الملازم لنا فى أفراحنا وأطراحنا .. طموحاتنا وأحلامنا .. ومن يشذ عن هذه القاعدة بالطبع فهو الإنسان غير السوى فى نظر شريكه الآخر ، وفى نظر المجتمع ككل .. ولكى يتفق الشريكان على كل صغيرة وكبيرة تجمع بينهما تحت سقف واحد لابد من وجود الانسجام الفكرى والوجدانى ولو بدرجة من درجاته .. هذا التلاقى هو مايشكل دائماً حجر الزاوية فى علاقة الطرفين .. وإذا ما اختلّت تلك المقاييس فهنا يقع المحظور ، حيث لا مجال للإنسجام مرة أخرى إلا بتنازل من أحد الطرفين للآخر عن بعض من توجهاته وأفكاره .. والعكس تماماً إذا تشبث كل فرد بمعطياته العقلية والوجدانية فهنا الصخرة التى تتحطم عليها أحلام الراحة والاستقرار بينهما ..
ليس هذا من قبيل الفلسفة ، ولكن تجربة حياة .. مرت بى سنواتها فى غفلة من عمر الزمان .. تلك السنوات على قلتها إلا أنها تتمتع بثراء أحداثها ، وتقلبات أحوالها على الدوام .. فى وجود الشريك الآخر ، وماإستجد عليها فى وقت لاحق من وجود الأبناء .. لم تعد مقدراتنا هى التى نصنعها بأيدينا .. ولكن هناك تلك الأطراف الآخر التى يمكن أن تكون سببا فى لحظة سعادة أو لحظة ضيق وتبرم بالواقع ..

لن يجرنى الحديث هنا الآن عن الافصاح عن طبيعة علاقة قائمة مع نون النسوة مازالت فى زمن الحاضر، ولكن قد يأتى اليوم الذى أعود فيه الى تلك السطور وأضيف عليها تعليق على أحداث تكون وقتها فى الزمن الماضى .. ، أو من الجائز أن تواتينى الشجاعة وأفصح عن مكنون تلك العلاقة فى تعديل على تلك الرسالة فى وقت لاحق ، وهذا كان من دواعى استهلالى لتلك الأطروحة .. ولكن عدلت من فكرتى بالمصارحة والبوح بالمكنون فقط بعد إنخراطى فى تفاصيلها .. كل مايمكن أن أختم به حديثى هنا هو أن تجربة حياتنا مع نون النسوة هى بالفعل الشراكة التامة فى كل التفاصيل اليومية التى نمر بها فى حياتنا ، ولها الأثر الكبير فى تطلعاتنا وأحلامنا ، وافراحنا وأحزاننا ، وراحتنا ومتاعبنا ، ومن ينكر ذلك فهو غافل ( أو ناكر ) بلا شك عن كل مقدراته وتوجهات حياته اليومية والمستقبلية .

هناك تعليقان (2):