إفترشت ( هى ) أرض الغرفة .. فتحت صندوق أغراضها الخاصة .. مدت يدها أفرغت محتواه .. إنها تعلم كل ورقة به ، كل صورة ، رسائلها ، مفكرتها الخاصة ...
هذا هو عالمها الخاص الذى لا يشاركها فيه احد .. غالباً ماتلجأ اليه كلما وجدت فى نفسها فراغاً أو ضيقاً أو ألمَّت بها الذكريات .. هذا عهدها بهذا الصندوق طوال خمس سنوات مضت.. هى عمر زواجها تقريباً الى اليوم ..
تلك المرة الطقس مختلف .. افرغت صندوقها على الأرض .. حدقت فيه النظر .. لم تدعها أحزانها تسافر بعيداً .. بل توقفت عند أحداث الليلة الماضية فقط ..تلك الليلة كانت فارقة فى علاقتهما .. أعدت لها العدة منذ شهور بل منذ سنوات مضت ، لملمت كل شجاعتها .. أصرت على المواجهة مهما تكون العواقب .. لم يطل الحديث .. بل كان مقتضباً تنحت عنه العواطف جانباً ..
هى : " ........ أنا لن تستمر حياتى هكذا بدون أطفال .. إنا أكرر رجائى بأن ( نتبنى ) طفل من إحدى دور الأيتام .. يسعد حياتنا .. وننال عنه خير الجزاء .."
هو : " أنا رأيى فى هذا الموضوع واضح .. هذا مخالف لشرع ربنا .. ، وإحنا لازم نرضى بقضاء الله وقدره .."
هى : "ونعم بالله .. ولكن لابد أن تجد حلاً لمشكلتنا هذه .. أنت غير مدرك للمأساة التى نعيشها .. السنوات تمر بنا .. وأنت وكأن الأمر لا يعنيك .."
إحتدم النقاش بينهما ، وكلٍ يُلقى باللائمة على الآخر ..
هى : " ........ أنا لن تستمر حياتى هكذا بدون أطفال .. إنا أكرر رجائى بأن ( نتبنى ) طفل من إحدى دور الأيتام .. يسعد حياتنا .. وننال عنه خير الجزاء .."
هو : " أنا رأيى فى هذا الموضوع واضح .. هذا مخالف لشرع ربنا .. ، وإحنا لازم نرضى بقضاء الله وقدره .."
هى : "ونعم بالله .. ولكن لابد أن تجد حلاً لمشكلتنا هذه .. أنت غير مدرك للمأساة التى نعيشها .. السنوات تمر بنا .. وأنت وكأن الأمر لا يعنيك .."
إحتدم النقاش بينهما ، وكلٍ يُلقى باللائمة على الآخر ..
..............................................
تذكَرَت الآن آخر مالفظ به فى هذه المواجهة .. عبارة " مع السلامة " ..وتلك جاءت رداً على تهديد منها بترك المنزل .. " هكذا هانت عليه العشرة .. بكل هذه البساطة !! " .. أخذت تردد مع نفسها ، حتى غالبتها الدموع حسرةً على ماوصل اليه الحال بينهما ..
" لابد أن أترك له المنزل .. أنا تنازلت كثيراً منذ زواجنا .. أنا لدىَّ كرامة .. إنه لم يفكر حتى بإرضائى ولو بكلمة قبل خروجه للعمل صباحاً .. " همهمت بكلمات فى أول جلستها
....................................
" لا .. لا .. سوف أصالحه بمجرد عودته .. أنا التى حادثته بأسلوب غير لائق .. " أضافت وجلستها لم تنفض بعد .
................................................
................................................
سمعت صوت مفتاحه فى الباب الخارجى ... " موعد عودته لم يحن بعد .. ماالذى أتى به مبكرا على غير العادة !!! " كسرت حدة الصمت ..
طاف بالمنزل .. لمحها فى غرفة النوم .. طرق الباب خفيفاً ..
" سوف أتصنع الغضب .. لن أرد عليه .. " فكرت ..
جلس حيث جلست .. مد يده الى أوراقها .. تناول بعض منها .. قرأ عنوانها .. تبسم ..
" تبادر بالاعتذار !! أم تستسلم لعنادها ، وتكابر !! " مازالت مطأطأة رأسها وتفكر ..
" الاعتذار " .. قررت أخيراً ..
نظرت مباشرة الى وجهه .. لمحت فى عينيه ابتسامة صافية .. وعلى شفتيه كلمات همَّ بنطقها .. " مررت على إحدى الدور ، وأخذت موعد مع المديرة .. سنذهب غداً سوياً لتختارى الطفل الذى تودينه ... " قالها بصوت هامس ، وبلا مقدمات ..
ألجمت المفاجأة لسانها .. تبسم ثغرها .. دمعت عيناها .. مد يده يكفكف دمعها .. مدت يدها الى أوراقها ..
التقطت تلك المجموعة من الأوراق المعقودة بالشريط الأحمر ..
فضت رباطها ..
لمح عنوانها..
عرفها ..
إنها رسائله التى كان يدسها طيات دفاترها فى سنوات دراستهما الجامعية الأولى ..
......................................
إستعادا معاً ذكريات ..
كادت أن تذهب فى طى النسيان .
.......
ــــــــ تمت .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق