الأربعاء، 24 ديسمبر 2008

- استهلالاً للحصة الفاضية ...


- الحصة 45 دقيقة لا أكثر ولا أقل ... أنظر الى ساعتى بالتمام والكمال تعلن العاشرة تعلوها عشرون دقيقة أخرى ... مازلت فى وقفتى مطلاً من شباك معمل الحاسوب ( كما يحلو للبعض أن يسميه ) ..على حوش المدرسة ...
- إستتبت الأمور بدرجة كبيرة فى طرقات المدرسة ... سكون فى الحوش .. إلا من أحاديث الأخوة رواد دكتى الحوش ... مدرسان ، المشرف ، ناظر المدرسة ...
- على فكرة المدرسة بها مدير عام ، مدير ، ناظر ... مدلول ذلك أن بها ضبط وربط يفوق مدارس أخرى كثيرة وبمراحل ...
- وقفة قصيرة عند آخرهم ( الناظر ) ... فهو من الشخصيات المحورية فى الصورة التى أنقلها من المدرسة ، ويستحق أن أفرد له بعض السطور ...
أكيد كل منا يتذكر خلال مراحل تعليمه المختلفة شخصية تعليمية تركت لديه أثر طيب ، وكل موقع عمل به هذا النوع الفريد من البشر .. الذى يتفانى فى عمله ، وعطاؤه بلا حدود ... هذا هو شخص السيد الناظر فى مدرستنا ... شخص يُجمع كل من فى المدرسة على إحترامه ... خُلُق كريم ... قدوة ومثل يُحتذى ... معلم مثالى بملء الكلمة ...

- نعود لأحداث الحصة الفاضية ...- من الطابق الأعلى يأتى صوت الأبلة ... منادياً على المشرف ...
المشرف : فيه أيه ياأبلة ...
تهبط الأبلة الى أرض الحوش ، يتبعها طالبتان ... أحداهما تفوق الأبلة حجماً وكسماً ...
الأبلة : الأبلوات ياأستاذ ........... أنا بأشرح على السبورة ، وهما ماسكين الموبايل .. ومرة فاتحينه على أغانى .. ومرة تانية يصوروا بعض ... قلت لهم أقفلى الموبايل انتى وهى ... مفيش فايدة ... وكرروا الموضوع أكثر من مرة ...
المشرف : ( موجها حديثة للناظر ) شوف والنبى يااستاذ .......... الموضوع ده .. انت اللى هاتقدر تتصرف معاهم .
الناظر : والله أنا زهقت ... العملية ماعدش ناقصها إلا الموبايلات كمان ... والله الغبى اللى إخترع الموبايل ده ، لو كان عارف إنه هايوصل لإيد عيال زى دى فى يوم من الأيام ... كان راح إشتغل زبال أشرف له ...
- إحدى البنات تهم بالحديث ... والله ياأستاذ الموبايل كان فى الشنطة ، وكان بيرن فأخدته أشوف مين اللى بيرن عليا ... الناظر : ومين بقى ياستى اللى كان بيرن عليكى ...
البنت : واحدة زميلتى فى الفصل التانى ...
الناظر : وانتى شايلة موبايل ليه من أصله ... تكونيش سيدة أعمال واحنا مانعرفش ...
الأبلة : انت مصدق كلامها ياأستاذ ............. دى فعلاً كانت مشغلاه على أغانى ، وبعد كدة ماسكاه تصور زميلتها ...
البنت ( فى تحدٍ سافر ) : ياأستاذ الموبايل بتاعى حتى مافهوش كاميرا ... وأهه مع الأبلة ... شوفه كمان .
الناظر : واضح إن الموضوع هايطول ... معلهش ياأبلة إطلعى انتى على حصتك ... وأنا هاأتصرف معاهم ...
موجهاً حديثه للبنات ... إنتى وهى بقى ... مش هاتدخلوا المدرسة إلا بعد ماييجى ولى أمركم ، والموبايل ده هايفضل عند المدير لما ييجى .. وقبل كل حاجة تتأسفوا للأبلة ... وتقبل أسفكم ..
البنات ( فى نفس واحد .. وبإلحاح ) ... والله ياأستاذ ......... لن نكررها ثانى ...والنبى ياأستاذ ...
إحداهن ... والنبى ياأستاذ ............ أبويا لو عرف مش هايخلينى آجى المدرسة تانى ...

.....................

النقاش دائر بين الطالبتين والناظر ، وإضافة من المشرف ، وتدخل من المدرسين الحاضرين ...
- وفجأة ... الفصل المقابل للحوش مباشرة ... صوت خناقة بحق وحقيقى من داخل الفصل ... يُفتح الباب على منظر جعل الجميع يهرولون نحو الفصل ... المدرس يكيل لأحد الأولاد ضرباً ويدفعه بكل قوة الى خارج الفصل ، مع سب ولعن بأقذع الألفاظ ، وفى حالة من الثورة والهيجان ... الطالب آثار دم على وجهه ..وبدوره يهدد ويتوعد للأستاذ راداً له السب بالسب ، ويلوح بيديه متحاشياً عصا المدرس بكل مالديه من قوة .
إنكسر سكون المدرسة مرة أخرى ... وبقوة المفاجأة هذه المرة ...دققت النظر من برج المراقبة ( خاصتى ) ... الله مش ممكن ده الأستاذ .......... هو اللى بيتخانق .. مش ممكن !!.. ده آخر شىء أتوقعه انه يفقد أعصابه لهذا الحد .. لم يعد هناك بد ... من أن أبرح مكانى على وجه السرعة متجهاً الى أرض المعركة ... خرج المدرسين تباعاً من فصولهم متوجهين نحو ( العركة ) الدائرة فى الطرقة ، يتبعهم الطلبة .. والتى انتقلت ساحتها تباعاً الى الحوش .تحول الحوش الى مجموعات من البشر ... مجموعة من الأساتذة حول المدرس .. تهدىء من روعه .. مجموعة أخرى لم تحضر الواقعة من بدايتها تستقى معلوماتها من المنبع من داخل الفصل ...
وجدت نفسى بلا ترتيب ضمن أفراد المجموعة الأولى .. الجميع لديه تساؤل واحد ...
أيه اللى حصل !!! ... أيه اللى حصل !!!
المدرس ( فى حالة من الأسى والغضب الشديد ، وبصوت أسمعه الجميع ) ... : بقى أنا بعد العمر ده كله .. العيال تحدفنى بالطباشير وأنا واقف على السبورة .. والله ابن الـ.......... مايقعد بعد كده فى المدرسة .. كرر المدرس عبارتيه أكثر من مرة ، وفى المرة الأخيرة إختلط صوته مع دموعه ... وأنا والجميع نهدىء من روعه ...
- اخذ الموقف شكلاً درامياً .. يختلف تماماً عن كل مرة .. حيث أن موقف مثل هذا ليس بجديد فى المدرسة ، وتقع أحداثه من وقت لآخر .. ونهايته غالباً معروفة للجميع ... الطالب يعتذر للأستاذ .. والمدرس يقبل العذر مضطراً .. بإقتناع أو عدم إقتناع ، أو بإلحاح وضغط من باقى الزملاء أو إدارة المدرسة ...
مدير المدرسة ، المدير ، الناظر ، المشرف .... الجميع فى أرض الحدث ... يسأل ويستجوب ، مرة المدرس ... أخرى الطالب ... ومرات أخرى طلاب الفصل ... يتداول الجميع فى ملابسات الواقعة ... الكل يصدر أحكامه ... المدرسين .. الغالبية منهم .. يرددون.. الطالب ده لازم ينفصل حتى يكون عبره لغيره ... إحنا مابقاش لنا أى كرامة فى المدرسة ...
المدير ... خلاص ياجماعة ... إحنا هنأخد الاجراء القانونى ... والغلطان يتعاقب ... هو الفصل عندكم حاجة سهلة كدة .. ماحدش فيكم متابع اللى فى التليفزيون والجرائد اليومين دول ، واللى عاملينه فى المدرسين ... ماحدش فيهم فات من قدام مدرسة فى وقت الانصراف وشاف العيال دى بقى شكلها ايه ... ماحدش فيهم تخيل نفسه قاعد فى وسط أربعين خمسين طالب من دول وإزاى هايتصرف معاهم ... إذا كان أولياء الأمور مش قادرين على أولادهم ... ولا قادرين يربوهم كويس ...دول علشان يريحوا دماغهم بيبعتوهم على المدرسة .. المدرسة هاتعمل أيه ولا أيه ...
المدرسين ... علشان كده ... ياأستاذ ينفصل ويروح فى داهية ... ماإنتوا اللى دلعتوا العيال وخلتوهم يقلوا أدبهم ... الناظر : يللا يااساتذة كل واحد على حصته ... إدارة المدرسة هاتحل المشكلة ... يالله يااستاذ ........... تعالى على مكتب المدير ..و يجذبه من يده .. يللا ماتقعدشى كده .. إنت لسه صغيرعلى الكلام ده !!! ياما شفنا كتير من الحاجات دى ، هى دى يعنى أول مرة . وانت ياأستاذ .......... هات الولد صاحب المشكلة عند المدير ...وانت ياأستاذ ( المشرف ) ... خلى كل واحد يروح على حصته ...
المشرف ... حصة أيه بقى ياجماعة ... كل حصة وانتم طيبين ...
إضرب يابنى انت هناك الجرس ...

بدأت الفسحـــــــــــــــــــة ...

***

هناك تعليق واحد:

  1. جميل جداً ثرثرتك .
    والله شىء ممتع مأثرته فى حصتك .
    هل من مزيد.

    ردحذف