الاثنين، 12 يناير 2009

- سيرة وانفتحت ...

  • سيرة وانفتحت ...
    إنها سيرة تمتد لأكثر من نصف قرن من عمر الزمان .. ونصف قرن بالنسبة لبنى البشر قد تكون هى كل ماقُدّر له أن يحياه .. تلك السنوات بمفرداتها من أيام .. دائماً ما تترك لدينا ما ندعوه بالذكريات .. وتلك بدورها يحلو لنا أن نصبغها بصفات الذكريات الحلوة .. والذكريات المرة ..
    وشئنا أم أبينا فهذا ما ندعوه دائماً بالقدر .. حتى لا نحمّل أنفسنا عبء البحث عن أسباب الإخفاق فى بعض جوانبه .. أو التميز فى الجوانب الأخرى .. فنحن بطبعنا ( قدريون ) .. بمعنى أننا نؤمن بالقدر حلوه ومره ، وهذا من دواعى القناعة والرضا بالمقسوم .. التى جُبِلنا عليها ...
    السيرة التى سأُعرض لها فى حلقات ليست من قبيل السرد لسيرة شخصية بالمفهوم المتعارف عليه .. ولكنها قد تكون .. صور أو مواقف أو محطات فى حياتى .. قد تمسنى بصورة مباشرة .. وقد تمتد الى الآخرين الذين أثروا فى مسيرتى من قريب أو بعيد ..
    قد لا يكون لها نقطة بداية أو نقطة نهاية .. قد لا يهم الكثيرين الوقوف حيال أحداثها .. أو لا تمثل لهم حبكة فنية بمفهوم أهل الأدب والرواة .. ولكن فيما يخصنى قد تكون من قبيل .. شخابيط على جدار الذات .. لملمة أوراق من دفتر الذكريات .. أو .. ملء فراغ الصفحات البيضاء فى مدونتى بمادة لا ينضب معينها .. وأخيراً .. وهو الأهم قد تمثل سرد حكاياتى لصغيرى ( محمد وأمجد ) إرضاءاً لفضولهما ورغبتهما الملحة فى تناول إحاديث تخص الماضى من قريب أو بعيد ..
    تقدمة موجزة .. وإن كان لابد منها قبل الاستهلال فى الحكىّ .. لوضع الاطار العام للصورة التى سيتم تناولها .. على لقطات ..



( 1 )


الجذور الريفية لها الأثر الفعال فى كل مايتم تناوله هنا من أحداث .. على الأقل فى حكايات الماضى .. ذلك الأثر الطيب الذى لا يخفى على كثيرين ممن شاء القدر أن يحيوا حياة الريف والحضر على مدى سنوات حياتهم ..
خير من أبدأ به الطرح هو عرض لصورة الوالد ( رحمة الله عليه ) .. وإن كان من الصعوبة بمقدار أن اتناول أو أختصر سيرته العطرة فى عدة سطور .. أبرز جوانب شخصيته .. وما يستحق منها أن يُلقى عليه الضوء هو الجانب ( العصامى ) منها .. بالطبع لم أعاصر بدايات تلك الحقبة .. ولكن انتقلت لى أحداثها من مصادر عدة سواء على لسان الوالد شخصياً أو حكايا الأخوة الكبار .. حيث أن ترتيبى كان قبل الأخير فى أسرة تضم ( إثنى عشر ) من الأبناء ..
عائلة الجد وافدة من إحدى قرى المنوفية كغيرهم من النازحين فى هذا الوقت سعياً وراء الرزق وأملاً فى سعة العيش .. حط بهم الرحال فى قرية أخرى بالشرقية .. وقد كان ذلك فى السنوات الأولى للقرن الماضى .. أولى خطوات الجد فى المستقر الجديد هو إقترانه بسيدة ذات نفوذ .. وإن لم تكن ذات جاه .. أرملة وتعول من الأبناء أربعاً .. إنضمت الى أسرة الجد المكونة من زوجة وإبنة واحدة ..
الجد عاصرته فى أخريات أيامه كان هرِماً أخذ منه الزمان كل مأخذه .. يفيض لسانه دائماً بالذكر والتسبيح .. ولا يشغله من حال الدنيا الا التنقل من المنزل الى المسجد القريب .. ليقضى به جل أوقاته .. قليل الكلام الى حد الندرة .. لا يتحدث إلا لإلقاء النصيحة .. أو سرد بعض من حكاياه الأولى فى زمن الجدب والعوز الذى مرت به سنواته الأولى .. قبل أن يمُنّ الله عليه بالذرية والولد الصالح ..
أما الجدة .. فلم يكن من حظى أن أعايشها .. ويحكى لى أنها توفيت فى نفس العام الذى قدمت فيه أنا الى الدنيا .. أما ما رُوى عنها فالكثير .. بداية من أنها السيدة ( المسترجلة ) .. بمعنى التى تقوم على قيادة الأسرة وتوجيهها ولها النفوذ والسلطة فى كل الأمور .. كانت تجيد الكثير من المهارات فى هذا الزمان بداية من التطبيب والتوليد الى أعمال البيع والتجارة وفض المنازعات الى آخر تلك الأمور التى تتصدى لها تلك النوعية من النساء اللاتى لا ترضين بالقيادة بديلاً ..
أولى ثمرات إقتران الجد والجدة كانت ( الوالد ) .. وعليه كان محل الرعاية والاهتمام .. وإن توافد فيما بعد الأبناء .. أخت للوالد ، وأخ من زوجة الجد الأولى .. تزايد عدد الأسرة سريعاً وكثُر العدد فى أسرة مركبة من أبناء الزوج وابناء الزوجة والأبناء المشتركين فيما بينهما .. وبهدوء واتزان الجد الى جموح وطموحات الجدة سارت القافلة .. رزقت الأسرة بالبنون وماتبقى لها سوى أن تدبر المال .. الذى كان من أولى طموحات الجدة .. التى استطاعت بقروشها القليلة فى تلك الأوقات أن تتملك بعض القراريط التى يعمل بها الأبناء .. ولتكون هى النواة الأولى التى رعاها ونمّاها الوالد فيما بعد بكل عزيمة وإقتدار..
زُوِج الوالد فى سن مبكرة .. وحُمَل على الفور تبعات ومسئولية الأسرة بالكامل فى تلك السن المبكرة .. وكما يُحكى كان محل إعجاب و( حسد ) كل أهل القرية وماحولها ..
مرت السنوات .. ضاق المكان بأهله فتفرقت العائلة الى أسر صغيرة .. انسلخ منها أبناء الجدة الأُول .. وبقى الوالد على عهده بالجد والاجتهاد الذى عُهد به بلا كلل ولا ملل .. فى تكوين ثروة زراعية لا يستهان بها من الأفدنة والعقارات التى تنبىء عن الثراء فى ذلك الوقت .. تبدلت الأوضاع من الفقر الى يسر الحال .. ولم تتبدل أحوال الأسرة من الكد والعمل الجاد المتصل فى الحقل ليل نهار .. حيث لا مكان لمظاهر الترف أو الرخاء فى مفردات الحياة اليومية ..
جاء ذلك على مدى ربع قرن من الزمان .. لم أكن قد حللت بعد الى تلك المعمعة من الأحداث .. ولم أعش تلك التطورات المتلاحقة من تبدل الأحوال من الفقر الى ميسور الحال .. ولكن أدركت تلك الحقبة فى نهايتها .. حيث نمت الأسرة وتضخم عددها لدرجة أن المنزل كان يضج كخلية من النحل بساكنيه .. على مدى تلك السنوات كان نصيب الوالد من الأبناء ( تسعة ) كان ترتيبى من بينهم قبل الأخير .. بالإضافة الى شركاء المنزل والأسرة .. أبناء العم الذى توفاه الله وترك من الأبناء ( أربعاً ) وزوجة .. هم جزء لا يتجزأ من أهل المنزل ..
تلك حقبة أخرى ملىئة بالأحداث .. والذكريات ..
والتى سيتم تناول مقتطفات منها فى حلقات قادمة إن شاء الله ..

هناك تعليق واحد:

  1. يقدم لكم الموقع كيفية انشاء سيرة ذاتية سواء باللغة العربية أو اللغة الإنجليزية وغير ذلك.
    و هناك نماذج جاهزة لإنشاء السيرة الذاتية والتي تجدونها حصريا في موقعنا بسهولة ويسر.  وهذه نماذج cover letter

    ردحذف